هل يحق لي المطالبة بمبلغ بعد مضي عشر سنوات وفق القانون السعودي
هل يحق لي المطالبة بمبلغ بعد مضي عشر سنوات وفق القانون السعودي؟ ستكون الإجابة على هذا السؤال ضمن مقال اليوم عدة محاور فحديثنا اليوم سيكون في نطاق موضوع شيق و مثير، و قد يحصل في حياة الكثير، ولا سيما إن كانت هنا أسباب معينة .لذلك فقد وردنا سؤال حول الحق في مطالبة مبلغ وقد مضى عليه زمن طويل وأكل الدهر عليه حفنة ( هل يحق لي المطالبة بمبلغ بعد مضي عشر سنوات وفق القانون السعودي؟ ). هل يوجد مكان لهذا الحق …؟ وهل يظل هذا الحق قائماً..؟ هل حافظ هذا الحق على مشروعيته..؟ القاعدة الأساسية في هذا الموضوع تقول إن الحقوق كحقوق لا تسقط وذلك وفق القاعدة الشرعية الشهيرة و التي مفادها..(( لا يسقط حق وإن قدم)) فالحق كحق يظل موجوداً . ولكن الذي يسقط هو الحق بسماع الدعوى و ذلك حفاظاً على المراكز القانونية و استقرار التعامل بين الناس . إذ أنه لا يعقل أن يظل هذا الحق رهناً في يد صاحبه يستخدمه كيفما يشاء فقد يؤدي ذلك مع مرور الوقت إلى خلق نزاعات و خلافات بسبب قوة إذعانها في طرف يملكها بمواجهة طرف آخر . و لكن هذا الأمر يختلف من بلد لآخر وفق نظامها القانوني و الضوابط التي تضعها و قواعد النظام العام فيها التي يضعها و يصيغها المشرع ومن هنا توجب على كل من له حق أن التأكد من مرور المدة الزمنية التي أقرها المشرع و القانون لكل من له الحق بالمطالبة به أمام الجهات القضائية المختصة . وذلك لأن فوات الاوان على المدة المتاحة التي أجازها القانون لسماع دعواك قد يفقدك هذا الحق وقد يؤدي بك فوات الوقت لضياع حقوقك و يجعل طريقك في المطالبة بحقك شائك و طويل . و مفاد ذلك إن الذي يسقط هو الحق في سماع دعواك و ليس الحق نفسه كحق و هذا ما يندرج بمفهوم الالتزام و نتائجه و التزاماته .و سوف نتاولها على النحو التالي:
ينقضي الالتزام و تنتهي آثاره بحصول صاحب الحق على حقه ويكون انقضاء الالتزام بعدة أسباب :- فقد ينقضي الالتزام بتنفيذه أي بالوفاء به .
- أو ينقضي باستيفاء ما يعادله أي بما يقابله ،أو يساويه .
- وفي حالات أخرى قد ينقضي الالتزام دون الوفاء به ، مثل حالات الإبراء ، واستحالة التنفيذ ، و التقادم المسقط .
أولاً : هل يحق لي المطالبة بمبلغ بعد مضي عشر سنوات وفق القانون السعودي ؟
للإجابة على هذا السؤال لابد أن نوضح ونبين لمحة عن فكرة التقادم حيث تأتي فكرة التقادم من القدم أو التقدم أو السبق أي وقوع الشيء في وقت سابق . و حيث تختلف النظم القانونية اللاتينية عن النظم القانونية الانجلوساكسونية من حيث الأخذ بفكرة التقادم بوجه عام ، فالنظام القانوني الانجلوسكسوني لا يأخذ بالتقادم كنظام قانوني . أما الدول اللاتينية كفرنسا و بقية الدول التي حذت حذوها كالمملكة العربية السعودية وباقي الدول العربية فتأخذ بفكرة التقادم في قوانينها وتنص عليه كنظام قانوني قائم بذاته في منظومتها القانونية. القانون المدني السعودي نص على نوعين من التقادم وهما التقادم المكسب وذلك في الحقوق العينية ، و التقادم المسقط و ذلك في الحقوق الشخصية . وبالتالي إن كان هذا المبلغ قد سقط بالتقادم فلا يمكن ان تتم المطالبة به من خلال دعوى قضائية .ثانياً : ما المقصود بالتقادم ؟
التقادم : هو بشكل عام مضي مدة معينة من الزمن على حق قائم لم يتم المطالبة به . سواء كان هذا الحق مصدره المجتمع أو الفرد أو الدولة ، فهو ذو أثر كبير في هيكلية الحقوق، والاستناد على اثاره . فهو يرتبط بأمور الحياة ارتباطاُ وثيقاً ، و لكنه يختلف بحسب قسم القانون الذي يحكمه وينظم قواعده إذ أن هناك تقادما يقع في القانون المدني، و آخر يقع في القانون الجنائي و آخر يقع في التعاملات التجارية و المالية .ثالثاً : ما يجب أن تعرفه عن أساس التقادم
أساس الدعم : دعم استقرار التعامل ، و الحفاظ على المراكز القانونية و بالتالي النظام العام إذ لا يتصور أن يبقى من يملك الحق بيده الأمر و يظل يطالب بحقه إلى ما لا نهاية . كما يؤسس التقادم أيضا على قرينة الوفاء إذ لا يعقل أن يموت حق و وراءه مطالب إذ أن مرور الوقت الطويل يدل على أنه قد تم الوفاء بهذا الدين أو الحق أو اتجاه نية هذا الشخص إلا ابراء من وقعت عليه المطالبة. و يقوم التقادم أحيانا على اعتبار آخر و هو أن المدين يدفع دينه من ما يدر عليه هذا المال من أرباح لا من رأسماله . خاصة في الديون الدورية المتجددة ، و تراكم مبالغ الديون على المدين مما يرهقه ويجعله عرضة للإفلاس أو الاعسار . بحيث يضطره إلى دفع الديون و المستحقات من رأسماله لا من حصيلة أرباحه ، لذلك قرر المشرع مدد التقادم ليكون حريصاً كل الحرص على الوضع والتعاملات القانونية وبشكل عام الحكمة من التقادم هي استقرار المراكز القانونية للأشخاص .رابعاً : ما هي أنواع التقادم ؟
أنواع التقادم : للتقادم نوعين وهما التقادم المكسب و ذلك يكون بالحقوق العينية (كحق المليكة) الذي يجوز اكتسابه بالتقادم المكسب عن طريق وضع اليد على العقار و بحيازته وفق قواعد و شروط نص عليها القانون في المملكة العربية السعودية . في حين لا يكون التقادم المسقط إلا على الحقوق الشخصية (الالتزامات) و التي تفرض وضعاً سلبياً بحرمانها لصاحب الحق من استعمال حق وتمنع الدائن من المطالبة بدينه . كما سبق فإن موضوع بحثنا هذا يدور حول التقادم المسقط كسبب لانقضاء الالتزام دون الوفاء و لما كان المقصود بالتقادم هنا هو مرور الوقت الذي يمنع سماع الدعوى، وقد حددت القوانين الخاصة مدداً معينة للنظر بعض القضايا ، فإن تأخر صاحب الحق عن رفع الدعوى في المدة المحددة دون عذر مقبول، لم يعد يجوز للجهة القضائية سماع الدعوى . وبالتالي إن كان سؤالك هل يحق لي المطالبة بمبلغ بعد مضي عشر سنوات وفق القانون السعودي ؟ فالإجابة هي أنه لا يمكن المطالبة بالمبلغ بعد مضي مدة قد حددتها نصوص القانون . و كم من الحقوق المالية، والمصالح التجارية التي أهدرت بسبب التأخر في المطالبة بها أمام الجهات القضائية ، وكثيرا ما يكون سبب هذا التأخير الرغبة في إنهاء الخلاف ودياً بين أطراف النزاع دون اللجوء للمحاكم ، أو لوجود قرابة و مانع أدبي بين الطرفين، خاصة في بداية نشأة الخلاف . و لكن هذه الرغبة يجب ألا تكون سببا في ضياع الحقوق وهدرها .خامساً : التقادم في الإسلام
إن جميع ما تقدم ذكره إنما كان في القانون الوضعي في المملكة العربية السعودية أما في الشريعة الإسلامية فإن الأمر مختلف نوعاً ما و إن كانت هناك بعض الموارد التي تلتقي أحكام الشريعة الإسلامية فيها مع قواعد القانون الوضعي . فالشريعة الإسلامية قد تمنح حق التملك لشخص وضع يده على عين ما، و لكن هذا الأمر ليس مطلقاً و هو خلاف ما عليه القوانين تماماً ، فالشريعة تملك كل شخص وضع يده على عين لم تكن مملوكة لأحد أصلاً. من قبيل الأرض البور التي لم تكن ملكيتها عائدة في الأصل لأحد ، فقد ورد في هذا الموضوع حديث للرسول صلى الله وسلم ” من أحيا أرضاً ميتةً فهي له “. ولكن من ناحية التقادم المسقط والمحافظة على الحقوق و المراكز القانونية ليس فيه أي خروج عن الشريعة الإسلامية بل إن الإسلام يعتبر الأمين و الحافظ للحقوق . و لكن التارك للشيء و المفرط به لمدة طويلة نسبياً هو أولى بخسارته وقد يتجه ظن البعض الخاطئ إلى أن الفقه الإسلامي التقليدي و خاصة في الدول العربية لم يكن يعرف أو يعترف بمبدأ سقوط الحق بالتقادم . وهذا ما جعل البعض يظن إن سقوط الحقوق بالتقادم أو اكتسابها جعلها تنافي العدالة و تعتبر الغاصب أو السارق للشيء مالكاً لها . و إن الزمن ليس من شأنه أن يسقط حقاً و يحرم شخص من حق المطالبة به و في هذا حديث للأمام مالك ؛((في من له شيء ترك غيره يتصرف فيه ويفعل فيه كما يفعله المالك الدهر الطويل، فإن ذلك مما يسقط الملك ، ويمنع الطالب من الطلب )) .الاكثر مشاهدة..
المحامي والمستشار القانوني حسين الدعدي
يحمل شهادة بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جاعة أم القرى في مكة, المملكة العربية السعودية.
له مقالات قانونية تنشر باستمرار في الموقع الرسمي للمكتب وفي بعض المواقع القانونية الأخرى.
يتميز المحامي والمستشار القانوني حسين الدعدي بتخصصات مختلفة من القانون السعودي: كنظام الاجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية ونظام الأحوال الشخصية ونظام الأوراق التجارية وغير ذلك.
كما لديه سنوات عديدة من الخبرة وباع طويل في كتابة اللوائح والاعتراضات والمذكرات القانونية لمختلف المحاكم السعودية.