تخطى إلى المحتوى

إدارة التحريات والبحث الجنائي في النظام السعودي: حماية أمنية وتحقيق عدلي

    إدارة التحريات والبحث الجنائي

    في إحدى القضايا التي باشرها المكتب، تم الاشتباه في تورط موظف حكومي بتسريب مستندات حساسة. بعد إحالة البلاغ للجهات المختصة، باشرت إدارة التحريات والبحث الجنائي تحقيقًا مكثفًا باستخدام وسائل تقنية واستجوابات دقيقة. خلال أيام، تم تحديد المشتبه به وضبطه متلبسًا، ما أثبت فعالية هذه الإدارة الحيوية في حماية الأمن الداخلي.

    للاستعانة بخبرة قانونية في التعامل مع القضايا المرتبطة بالتحريات والبحث الجنائي، تواصل معنا مباشرة عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.

    إدارة التحريات والبحث الجنائي

    تُعد إدارة التحريات والبحث الجنائي من الركائز الأساسية في منظومة الضبط الجنائي في المملكة العربية السعودية، إذ تُناط بها مسؤولية كشف الجرائم ومتابعة مرتكبيها وجمع الأدلة اللازمة لدعم الإجراءات القضائية. فهي بمثابة الجهاز العيني الذي يرصد الظواهر الجنائية ويعمل على تحليلها والحد من تفشيها قبل أن تتفاقم آثارها في المجتمع.

    وتضطلع هذه الإدارة بالعديد من المهام ذات الطبيعة الحساسة والمعقَّدة، حيث تشمل أعمالها تتبّع الجريمة منذ لحظة وقوعها، أو حتى قبل وقوعها عند توفر مؤشرات أولية، وتحرّي المعلومات والبيانات المرتبطة بها باستخدام وسائل تقنية متطورة وأساليب ميدانية متقدمة، مع الالتزام الصارم بضوابط نظام الإجراءات الجزائية السعودي.

    ويمكن القول إن الإدارة تمثّل خط الدفاع الأول في الوقاية من الجريمة، حيث لا تقتصر مهامها على التفاعل مع الجرائم القائمة، بل تسهم في الوقاية من الجرائم المحتملة من خلال تتبع الأنماط الإجرامية وتحليل البيانات السلوكية للأشخاص والمواقع، في ضوء الأنظمة والتعليمات ذات الصلة.

    مهام إدارة التحريات والبحث الجنائي

    تُعتبر المهام الموكلة إلى ادارة التحريات والبحث الجنائي حجر الزاوية في الحفاظ على الأمن الجنائي داخل المملكة، حيث تهدف إلى كشف الحقيقة في القضايا الجنائية وضمان تقديم المتهمين للعدالة وفق الإجراءات النظامية، أبرز مهام إدارة التحريات والبحث الجنائي تشمل:

    • استقبال البلاغات ومباشرة التحقق الميداني منها: تتلقى الإدارة البلاغات من المواطنين أو الجهات الرسمية حول جرائم واقعة أو محتملة، وتقوم فورًا بإرسال فرق مختصة إلى موقع الحدث للتحقق من صحته، وتحديد ما إذا كان هناك شبهة جنائية تستوجب مباشرة التحقيق.
    • جمع الأدلة وتوثيقها بطرق نظامية: بعد التأكد من وجود شبهة جنائية، تبدأ الفرق في جمع الأدلة المادية والرقمية (مثل البصمات، التسجيلات، الأدوات المستخدمة في الجريمة)، مع الالتزام بطرق التوثيق المعتمدة لضمان صلاحيتها أمام الجهات القضائية.
    • استدعاء المشتبه بهم وإجراء التحقيقات الأولية: من مهام الإدارة استدعاء الأشخاص المشتبه بتورطهم في الجريمة، واستجوابهم مبدئيًا ضمن نطاق نظامي، بما لا يمس بحقوق المتهم ولا يخلّ بإجراءات العدالة، تمهيدًا لتحويل القضية للنيابة العامة عند الاقتضاء.
    • تنفيذ أوامر القبض بالتعاون مع النيابة العامة: عند وجود أمر قبض نظامي صادر عن النيابة العامة أو المحكمة المختصة، تتولى الإدارة تنفيذ ذلك الأمر وفق ما تقضي به الأنظمة، وتحرص على تنفيذ العملية بطريقة تحفظ كرامة المتهم وسلامة الإجراءات.
    • مراقبة النشاطات المشبوهة وتحليل الأنماط الإجرامية: تمتلك الإدارة فرقًا متخصصة في التحليل الجنائي السلوكي، تراقب النشاطات التي تثير الريبة أو تتكرر في مناطق معينة، وتستخلص منها أنماطًا تساعد على التنبؤ بالجرائم ومنع وقوعها.
    • التنسيق مع النيابة العامة لاستكمال التحقيقات النظامية: بعد الانتهاء من جمع المعلومات والتحقيقات الأولية، تُحال القضية مع كامل الوثائق والمضبوطات إلى النيابة العامة، ويستمر التعاون بين الطرفين لضمان سلامة الدعوى واكتمال أركانها قبل الإحالة إلى المحكمة.

    وتُظهر هذه المهام مدى التعقيد والمسؤولية التي تتحملها الإدارة، ودورها الحيوي في تطبيق القانون وحماية المجتمع من الجريمة.

    الفرق بين البحث الجنائي والبحث والتحري

    في السياق الجنائي، قد يستخدم البعض مصطلحي “البحث الجنائي” و”التحري” بشكل مترادف، بينما يفرّق النظام السعودي والواقع العملي بينهما من حيث المفهوم، والتوقيت، والصلاحيات، والهدف من كل منهما.

    لفهم الفارق بدقة، نوضّح ما يلي:

    العنصر البحث الجنائي التحري
    التعريف هو إجراء نظامي ميداني يُنفّذ بعد وقوع الجريمة، ويهدف إلى جمع الأدلة، تحديد الجناة، واستكمال ملف القضية تمهيدًا للتحقيق والمحاكمة. هو إجراء استقصائي يُنفّذ غالبًا قبل أو أثناء وقوع الجريمة، ويهدف إلى جمع المعلومات السرية أو العلنية حول نشاط إجرامي محتمل أو مشتبه به.
    الهدف كشف الجريمة الواقعة وتحديد الفاعل. منع الجريمة قبل وقوعها أو جمع معلومات عنها لتأكيد الشبهة.
    التوقيت يبدأ بعد وقوع الجريمة أو عند التلبس بها. يبدأ عند وجود مؤشرات أو بلاغات أو معلومات استخبارية تستوجب المراقبة.
    الجهة المختصة أقسام البحث الجنائي التابعة للأمن الجنائي. فرق التحريات أو الاستخبارات الجنائية أو الجهات المخولة بالمراقبة الاستباقية.
    الأدوات المستخدمة التحقيقات الميدانية، استجواب الشهود، فحص الأدلة الجنائية. المراقبة السرية، تتبع الاتصالات، تحليل السلوك، المصادر السرية.
    العلاقة بالنظام يخضع مباشرة لنظام الإجراءات الجزائية، وتُبنى عليه الدعاوى. يُنفّذ ضمن ضوابط أمنية لكنه ليس بالضرورة منتجًا لدعوى ما لم تُكتمل الشبهة.

    خلاصة الفرق:

    • البحث الجنائي هو استجابة نظامية لجريمة واقعة بالفعل.
    • التحري هو استباق أمني مبني على الشك أو الوقاية.

    كلا المصطلحين يكمل الآخر ضمن دورة العمل الأمني والعدلي في السعودية، ويُعد فهم الفرق بينهما ضروريًا للتمييز بين الإجراءات الوقائية والإجراءات القانونية الرسمية.

    أنواع التحريات والبحث الجنائي

    تتنوّع مهام التحريات والبحث الجنائي بحسب نوع الجريمة ومجالها، إذ يختلف أسلوب التحري وأدواته وفقًا لطبيعة الجريمة، ما يتطلّب تخصّصات دقيقة داخل الإدارة الواحدة. وقد تبنّت الجهات الأمنية السعودية هذا التنويع لضمان فعالية الأداء ومواكبة تطور أساليب الجريمة، فيما يلي أبرز أنواع التحريات المعتمدة:

    • التحريات الجنائية العامة: تُعنى بجرائم الشيوع مثل القتل، والسرقة، والاعتداء الجسدي، والسلب. تتطلب هذه التحريات إجراءات ميدانية سريعة لجمع الأدلة، واستجواب الشهود، وتتبع الجناة فور وقوع الجريمة.
    • التحريات الاقتصادية والمالية: تختص بجرائم الاحتيال، والتزوير، وغسل الأموال، والرشوة، واستغلال الوظيفة العامة. تعتمد بشكل أساسي على تحليل البيانات المالية، وحركة الحسابات البنكية، والتقارير المحاسبية الرسمية.
    • التحريات الإلكترونية: تعالج الجرائم التي تقع عبر الإنترنت، مثل الاختراقات، الابتزاز الرقمي، الاحتيال الإلكتروني، ونشر المواد المخالفة عبر الشبكات. يشرف على هذا النوع من التحريات متخصصون في الجرائم السيبرانية ويستخدمون أدوات رقمية وتقنيات تتبع إلكتروني متقدمة.
    • التحريات الاجتماعية أو الأسرية: تتعلق بالقضايا ذات الطابع المجتمعي مثل العنف الأسري، الإيذاء اللفظي أو الجسدي، التحرش، الابتزاز الأسري، وتُراعى فيها الخصوصية العالية، وتُنفّذ غالبًا بمشاركة وحدة الحماية الاجتماعية.
    • التحريات المرتبطة بالإرهاب أو أمن الدولة: تُدار بسرية ووفق ضوابط خاصة، وتشمل جرائم التحريض على الفتنة، الانضمام إلى تنظيمات محظورة، تهديد الأمن الوطني، وغالبًا ما تُشرف عليها جهات سيادية أو وحدات متخصصة تابعة لرئاسة أمن الدولة.

    التعاون بين المحامين وفرق التحريات والبحث الجنائي

    في القضايا الجنائية، لا يمكن تحقيق العدالة الكاملة إلا من خلال تكامل الأدوار بين الجهات الأمنية (كممثلة في فرق التحريات والبحث الجنائي) والمحامين، حيث يؤدي كل طرف وظيفة أساسية لضمان سلامة الإجراءات وحماية الحقوق النظامية للمتهمين والمجني عليهم على حد سواء.

    يلعب المحامي دورًا جوهريًا منذ لحظة توقيف موكله أو حتى قبل ذلك عند وجود تحريات أو استدعاء أمني، ويُعتبر طرفًا مراقبًا لضمان التزام السلطات بما نص عليه نظام الإجراءات الجزائية، خاصة في ما يتعلق بحقوق الدفاع وعدم المساس بحرمة الإنسان أو المساس بحقوقه دون مبرر، ومن أبرز أوجه التعاون الممكنة بين المحامين وإدارة التحريات والبحث الجنائي:

    • الاطلاع على ملف التحقيق أو مقابلة الموقوف: يحق للمحامي، بناءً على تفويض من موكله، الاطلاع على المحاضر الأولية وسير إجراءات التحقيق المبدئي، بما في ذلك تقديم طلب رسمي لمقابلة الموقوف داخل مقر التوقيف ومتابعة ظروف احتجازه.
    • تقديم مستندات النفي أو الدفاع: ينسق المحامي مع فريق البحث الجنائي لتقديم ما يثبت براءة موكله أو وجود موانع قانونية أو واقعية لوقوع الجريمة، كأدلة التواجد في موقع آخر، أو تقارير فنية أو شهود نفي.
    • إثارة الدفوع القانونية ببطلان الإجراءات: إذا تبيّن للمحامي وجود مخالفة لنظام الإجراءات الجزائية، كاحتجاز دون إذن نظامي أو تجاوز المدة المحددة للتوقيف، فإنه يتقدم بدفع ببطلان الإجراء، وقد يؤدي ذلك إلى إسقاط الاتهام أو وقف الدعوى.
    • توعية الموكل بحقوقه أثناء التحقيق: يشرح المحامي لموكله حقوقه النظامية مثل الصمت، عدم الإكراه على الاعتراف، توثيق التحقيق بالصوت والصورة، ويمكّنه من اتخاذ قرارات مستنيرة أثناء التحقيق الأولي.
    • التنسيق مع النيابة العامة عند الحاجة: في حال تطلب الأمر تصعيد الطلبات أو الاعتراضات، يتولى المحامي التواصل مع النيابة العامة بوصفها جهة الإشراف المباشر على الضبط الجنائي، ما يعزز فرص تصحيح الإجراءات في وقتها.

    وجود محامي جنائي خبير في مرحلة التحريات الأولى لا يحمي فقط حقوق المتهم، بل يسهم أيضًا في توجيه سير التحقيقات نحو الحقيقة، ومنع أي تجاوزات قد تؤثر على عدالة المحاكمة لاحقًا. ويُعد هذا التعاون أحد مظاهر ترسيخ دولة القانون في النظام القضائي السعودي.

    الأسئلة الشائعة

    الشرطة تمارس ضبطًا عامًا يشمل المرور والأمن العام، بينما البحث الجنائي مختص بالتحقيق في الجرائم وجمع الأدلة.
    نعم، يحق للمحامي الحضور وفقًا لنظام الإجراءات الجزائية (المادة 70).
    فقط في حالات التلبس أو وجود أمر قبض صادر من النيابة العامة، حق لإدارة التحريات القبض دون إذن.
    نعم، ويكون ذلك عبر تقديم طلب للنيابة العامة أو التظلم أمام المحكمة المختصة.

    تؤدي إدارة التحريات والبحث الجنائي دورًا محوريًا في حماية المجتمع وضبط الجريمة في المملكة. مهامها المعقدة تستند إلى قواعد نظامية دقيقة، ويتكامل دورها مع المحامين لضمان سير العدالة وفق أحكام نظام الإجراءات الجزائية.

    إذا كنت طرفًا في قضية جنائية أو تحتاج استشارة قانونية بشأن إجراء تحريات أو توقيف، يمكنك التواصل مع شركة محاماة في جدة للحصول على الدعم من من محامين مرخصين ومختصين في القضايا الجنائية.

    قد يهمك أيضًا:

    المصادر:

    • نظام الإجراءات الجزائية السعودي.
    • تنظيم وزارة الداخلية وهيكل قطاعاتها الأمنية.
    • لائحة الضبط الجنائي والجهات المخوّلة بالتحقيق والتحري.
    Exit mobile version
    متجر الصفوة اطلب خدمات قانونية
    لديك استشارة قانونية؟
    تواصل مع محامي

    جميع الحقوق محفوظة لدى مكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية © 2023