“استلمت اتصالًا من موظف حكومي طلب رشوة مقابل تسريع استخراج ترخيص شركتنا…” هكذا بدأت قصة عميلنا.
وحينما لجأنا لتحليل القانون وتقديم البلاغ، وجدنا أن ما تعرض له عميلنا يقع ضمن جريمة رشوة واضحة، وبما أن القانون السعودي صاغ قواعد صارمة لمكافحة هذه الجرائم، وتضمن حماية قانونية للمبلغين، تمكنا من رفع قضية رشوة في السعودية بشكل آمن وفعّال، وقمنا باسترداد حق العميل بأمانة ومهنية.
في سطور مقال اليوم نوضح لكم خطوات رفع قضية الرشوة في السعودية خطوة بخطوة، كما نبين عقوبة قضايا الرشوة والأدلة المقبولة لرفع القضية بمساعدة أهم محامي في جدة؛ تابع معنا.
لطلب استشارة محامي مختص انقر على زر واتساب أسفل الشاشة الآن.
جدول المحتويات
كيفية رفع قضية رشوة في السعودية خطوة بخطوة
لا تُعتبر الرشوة مجرد مخالفة إدارية بل جريمة جنائية يعاقب عليها القانون بصرامة. ولكي يتم التعامل معها بفعالية، يجب على المبلغ أو المتضرر اتباع خطوات قانونية منظمة ومدعومة بالأدلة، لضمان قبول الشكوى وفتح التحقيقات اللازمة من الجهات المختصة، إليك طريقة رفع قضية رشوة في السعودية:
جمع المعلومات والأدلة الأولية
أولى الخطوات تبدأ من المبلّغ نفسه، إذ تقع عليه مسؤولية رصد وتوثيق الوقائع:
- تحديد الزمان والمكان الذي جرت فيه الواقعة.
- معرفة هوية الأطراف: من هو الراشي؟ ومن هو الموظف العام أو الشخص الذي طُلبت منه الرشوة؟
- تسجيل المكالمات أو المحادثات (وفق الأنظمة)، أو الاحتفاظ بالمراسلات التي تحتوي على العرض أو الطلب.
- كتابة مذكرة موجزة بالواقعة والأدلة المتوفرة، حتى تكون مستعدة لتقديمها لاحقًا.
هذه المرحلة تُعد جوهرية لأن غياب الأدلة الكافية قد يؤدي إلى حفظ البلاغ دون إجراء قانوني.
تقديم البلاغ عبر القنوات الرسمية
بعد تجهيز ملف البلاغ، يتم رفع الشكوى إلى إحدى الجهات التالية:
- هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة): وهي الجهة الأساسية المختصة بمكافحة الرشوة والفساد، وتستقبل البلاغات عبر موقعها الإلكتروني أو من خلال فروعها.
- النيابة العامة: في حال وجود دليل قوي، يمكن التوجه مباشرة للنيابة التي تباشر التحقيق الجزائي، وتملك صلاحية إحالة القضية إلى المحكمة.
- التطبيقات الحكومية: مثل تطبيق “كلنا أمن” أو “أبشر”، والتي تسمح للمستخدم برفع بلاغ مرفق بالمستندات، مع إمكانية الحفاظ على سرية هوية المبلّغ.
يحق للمبلّغ إرفاق الشكوى دون ذكر اسمه، ما دام محتوى البلاغ جادًا وموثقًا.
متابعة الإجراءات والتحقيقات
بعد تقديم البلاغ، تبدأ سلسلة الإجراءات الرسمية لرفع قضية رشوة في السعودية كما يلي:
- تقوم هيئة الرقابة أو النيابة العامة بفتح ملف تحقيق.
- يُستدعى المشتبه بهم، وتُجمع الأدلة وتُستمع للشهود.
- في حال ثبوت شبهة قوية، تُحال القضية إلى المحكمة المختصة (غالبًا المحكمة الجزائية) التي تنظر الدعوى وتصدر حكمها.
خلال هذه المراحل، يحتفظ المبلّغ بحق المتابعة وتقديم أي أدلة إضافية. كما يمكن له – عبر محامٍ – الاطلاع على مجريات التحقيق في حدود النظام.
الأدلة المطلوبة لرفع قضية رشوة في السعودية
في القضايا الجنائية، لا يكفي مجرد الشك أو الاتهام؛ فنجاح الدعوى يعتمد على وجود أدلة قوية ومباشرة تُثبت وقوع جريمة الرشوة بوضوح. النظام السعودي يُخضع هذه الجريمة، كغيرها من الجرائم الجنائية، لمبدأ الإثبات القانوني المعتبر أمام القضاء، وفيما يلي نبيّن لكم أنواع الأدلة المقبولة لرفع قضية رشوة في السعودية:
- التسجيلات الصوتية أو المرئية (وفق الضوابط النظامية): تُعد من أقوى الأدلة إن تمت بطريقة قانونية، دون انتهاك خصوصية الطرف الآخر أو مخالفة نظام الإجراءات الجزائية. ويُشترط أن تكون دالة على الطلب أو العرض أو الاتفاق على دفع مقابل غير مشروع.
- المراسلات والرسائل الإلكترونية: مثل رسائل البريد الإلكتروني، رسائل الجوال، أو تطبيقات المحادثة (واتساب، تليغرام، إلخ) التي تحتوي على طلب مباشر أو عرض صريح للرشوة، مع أهمية التحقق من هوية المرسل وسياق الرسائل.
- شهادة الشهود: تعتبر الشهادة أداة مساندة، بشرط أن يكون الشاهد قد حضر الواقعة بنفسه أو كان مطلعًا على مضمونها بحكم وظيفته أو قربه الزمني والمكاني منها.
- الإثباتات المالية والمحاسبية: مثل الإيصالات، الحوالات البنكية، أو كشوف الحسابات التي توثق وجود مبالغ مالية تم دفعها أو استلامها في إطار يُشير إلى مقابل وظيفي غير مشروع.
- القرائن والسياق الوظيفي: مثل وجود علاقة مصلحة بين الطرفين، تكرار تقديم “هدايا” في توقيتات حساسة، أو تنفيذ إجراءات إدارية بشكل غير معتاد فور تقديم المنفعة. هذه القرائن لا تُغني وحدها عن الدليل المباشر، لكنها تُعزز من قوة الملف أمام الجهات المختصة.
لا يُشترط وجود جميع أنواع الأدلة المذكورة، ولكن كلما زادت وتكاملت الأدلة، زادت فرص إحالة القضية للمحكمة وثبوت الجريمة أمام القضاء.
حقوق المبلّغ والحماية القانونية
يدرك النظام السعودي أن مكافحة الفساد لا تكتمل دون حماية فعالة للمبلّغين. ولهذا، أقرّ عدداً من الضمانات القانونية للمواطنين والمقيمين الذين يبادرون بالإبلاغ عن جرائم الرشوة أو الفساد، بهدف تمكينهم من أداء واجبهم الوطني دون خوف أو ضرر، وفيما يلي نوضح لكم أبرز حقوق المبلّغ القانونية:
- الحماية من الانتقام المهني أو الشخصي: لا يجوز قانونًا اتخاذ أي إجراء عقابي – كالنقل أو الفصل أو التخويف – ضد المبلّغ بسبب تقديمه بلاغًا متعلقًا بالرشوة. وتلتزم الجهة المختصة بمتابعة أي انتهاك لهذه القاعدة.
- السرية التامة للمعلومات الشخصية: تلتزم هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وكذلك النيابة العامة، بعدم الكشف عن هوية المبلّغ أو أي بيانات قد تؤدي إلى التعرف عليه، إلا بإذنه أو بحكم قضائي مبرر.
- الإعفاء من الملاحقة إذا كان البلاغ بحسن نية: حتى وإن لم تثبت الجريمة، فإن المبلّغ الذي تصرف بنيّة سليمة لا يُعاقب ولا يتحمل مسؤولية جزائية أو مدنية.
- حق التبليغ المجهول: يتيح النظام للمواطنين والمقيمين تقديم بلاغات دون ذكر أسمائهم، شريطة تقديم معلومات موثوقة وواضحة تساعد في فتح التحقيق.
هذه الضمانات تستند إلى ما أقرّه نظام حماية المبلّغين والمبلغات الصادر عن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، ونظام مكافحة الرشوة، في تأكيد التزام الدولة بحماية الشفافية ومن يبلغ عنها.
العقوبات النظامية على الراشي والمرتشي والوسيط
يُعَدّ نظام مكافحة الرشوة في السعودية من أكثر الأنظمة صرامة في مواجهة الفساد الإداري والمالي. ويُطبّق على جميع العاملين في الدولة والقطاع الخاص، إضافة إلى من يتورط في تقديم الرشوة أو الوساطة فيها، حتى وإن لم تُنجز. وتُحدّد مواد النظام العقوبات الجزائية والتبعية بشكل دقيق لضمان الردع العام والخاص.
عقوبة المرتشي – الموظف العام
وفقًا للمادة (1) من نظام مكافحة الرشوة (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/36 بتاريخ 29/12/1412هـ – آخر تعديل 01/01/1443هـ):
يعاقب كل موظف عام يطلب أو يقبل لنفسه أو لغيره، عطية أو وعدًا بها، لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه، بما يلي:
- السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.
- غرامة مالية تصل إلى مليون ريال سعودي.
- بالإضافة إلى إمكانية الحكم بالعزل من الوظيفة ومصادرة العطايا أو الأموال المكتسبة.
عقوبة الراشي – من قدّم الرشوة
المادة (9) من النظام تنص على أن كل من عرض رشوة أو وعد بها لموظف عام – سواء تم قبولها أو رفضها – يُعاقب بذات العقوبات المقررة للمرتشي، وهي:
- السجن حتى 10 سنوات.
- غرامة تصل إلى مليون ريال.
- لا يُشترط تحقق النتيجة، فمجرد “العرض أو الوعد” يكفي لتجريم الفعل.
استثناء: يُعفى الراشي من العقوبة إذا بادر إلى إبلاغ السلطات قبل اكتشاف الجريمة، بموجب المادة (16) من النظام.
عقوبة الوسيط – من تواطأ بين الطرفين
المادة (4) من النظام تجرّم “الوسيط” وهو من يتدخل أو يشارك في نقل أو تسهيل الرشوة بين الطرفين. وتشمل العقوبات:
- السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات.
- غرامة مالية تصل إلى 100,000 ريال.
- يُعد الوسيط شريكًا في الجريمة ولو لم تتحقق النتيجة المتفق عليها.
العقوبات التبعية الإضافية
نصّت المادتان (13) و(15) من النظام على جملة من العقوبات التبعية التي قد تفرضها المحكمة، وتشمل:
- العزل من الوظيفة الحكومية.
- المنع من تولي أي وظيفة عامة مستقبلًا.
- مصادرة المبالغ محل الرشوة أو العطايا.
- التشهير، حسب تقدير المحكمة.
الفرق بين الرشوة والهدية
كثيرًا ما يُثار التساؤل حول متى تُعد الهدية مقبولة قانونًا، ومتى تتحول إلى رشوة مجرّمة؟ لا سيما في بيئات العمل والوظائف العامة، حيث يكون التمييز دقيقًا ويتطلب فهمًا صريحًا لأحكام النظام السعودي. لذلك قبل البدء يجب علينا أولاً توضيح الفرق بين الرشوة والهدية:
الهدية المباحة: الهدايا تُعد مقبولة نظامًا إذا توفرت فيها شروط البراءة من القصد الجنائي؛ أي أن تكون ذات طابع اجتماعي أو شخصي، لا ترتبط بأي وظيفة أو سلطة.
مثال: هدية رمزية تُقدّم لموظف بمناسبة عيد، أو زواج، دون طلب خدمة أو مصلحة مقابلة. كما يشترط أن تكون الهدية في إطار العرف العام وغير مفرطة في قيمتها أو متكررة بطريقة تثير الشك.
الرشوة المحرّمة: أما الرشوة، فهي كل مال، خدمة، وعد، ميزة مادية أو غير مادية تُمنح لموظف عام – أو حتى وعد بها فقط – مقابل قيامه بعمل من أعمال وظيفته، أو الامتناع عنه، أو الإخلال بواجباته. وتشمل كذلك الوسيط الذي يتوسط بين الراشي والمرتشي.
وبناءً عليه، فالعبرة ليست في نية المُهدي، بل في ارتباط الهدية بالمصلحة الوظيفية. وإذا ثار الشك حول غرض العطية، فإن تفسير النظام يسير باتجاه الاحتراز والمساءلة.
كيف يساعدك مكتبنا في قضايا الرشوة
تُعد قضايا الرشوة من القضايا ذات الطبيعة المعقدة التي تتطلب إلمامًا دقيقًا بالأنظمة الإجرائية والجزائية، وخصوصًا بنظام مكافحة الرشوة السعودي وتفسيراته القضائية. وهنا يتجلّى دور المحامي في مراحل رفع قضية رشوة في السعودية:
- تحليل الوقائع وتقييم الأدلة: يقوم المحامي بدايةً بدراسة تفاصيل الواقعة ومطابقتها بالنصوص النظامية، لتحديد ما إذا كانت تشكّل جريمة رشوة أم لا.
- صياغة البلاغ النظامي: يتولى المحامي إعداد البلاغ بصياغة قانونية متقنة، تضمن وضوح الرواية وتسلسلها الزمني، مع إرفاق المستندات الداعمة.
- الترافع أمام الجهات المختصة: يمثّل المحامي المبلّغ أو المتهم أمام هيئة الرقابة، النيابة العامة، أو المحكمة المختصة، مع تقديم الدفوع النظامية والإجرائية.
- ضمان حقوق العميل القانونية: سواء كان العميل مُبلّغًا أم متهمًا، يحرص المحامي على حمايته من أي تجاوز أو إجراء غير نظامي، ويضمن له حق الدفاع الكامل.
- التفاوض وحماية المصالح: في بعض الحالات، قد يُسهم المحامي في التفاوض مع الجهات المختصة لتخفيف العقوبة عند وجود تعاون أو بلاغ سابق، وفقًا لما تتيحه المادة (16) من النظام.
وفي ظل حساسية هذه القضايا، فإن وجود محامٍ مختص يُعد عنصرًا حاسمًا ليس فقط لضمان عدالة الإجراءات، بل كذلك لطمأنة العميل ومرافقته قانونيًا من البداية حتى صدور الحكم.
الأسئلة الشائعة
نجيب فيما يلي عن أهم الأسئلة حول رفع قضية رشوة في السعودية:
ختامًا، تُبرِز قصة عميلنا الدور الجوهري الذي يقوم به مكتبنا في الوقوف إلى جانب الأفراد والمؤسسات لمواجهة الفساد الإداري والوظيفي. إن اتخاذ خطوة جريئة في رفع قضية رشوة في السعودية لا يحمي فقط حقك القانوني، بل يرسّخ مبادئ العدالة والشفافية التي تقوم عليها مؤسسات الدولة.
للاستشارة القانونية أو البدء في إجراءات التبليغ، تواصل معنا مباشرة عبر زر الواتساب أسفل الشاشة — حيث نأخذ بلاغك على محمل الجد ونعالجه بسرّية تامة وبما يوافق أحكام النظام.
المصادر:

المحامي والمستشار القانوني حسين الدعدي
يحمل شهادة بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جاعة أم القرى في مكة, المملكة العربية السعودية.
له مقالات قانونية تنشر باستمرار في الموقع الرسمي للمكتب وفي بعض المواقع القانونية الأخرى.
يتميز المحامي والمستشار القانوني حسين الدعدي بتخصصات مختلفة من القانون السعودي: كنظام الاجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية ونظام الأحوال الشخصية ونظام الأوراق التجارية وغير ذلك.
كما لديه سنوات عديدة من الخبرة وباع طويل في كتابة اللوائح والاعتراضات والمذكرات القانونية لمختلف المحاكم السعودية.