في إحدى ضواحي جدة، نشب خلاف بين شقيقين حول حدود قطعة أرض موروثة. وبدلاً من التوجه مباشرة إلى المحكمة، اختار الطرفان السعي للحل الودي عبر محامٍ عقاري مختص. وبعد سلسلة من جلسات الوساطة، توصّلا إلى اتفاق مرضٍ للطرفين.
هذه القصة الواقعية تعكس التوجه النظامي والعملي في السعودية نحو حل النزاعات العقارية وديا لتقليل التكاليف وتعزيز العدالة التصالحية.
استشر محامي تبوك العقاري لصياغة اتفاق صلح قانوني يحفظ حقك ويوثق التفاهم.
أهمية حل النزاعات العقارية وديا
حل النزاعات العقارية ودياً يوفّر الوقت والمال ويتيح للطرفين التوصّل إلى تسوية مرنة تحفظ الحقوق وتجنّب أعباء التقاضي.
تُعد التسوية الودية خيارًا إستراتيجيًا وذكيًا خصوصًا في النزاعات العقارية التي تتسم بالتعقيد وتشابك المصالح، ومن أبرز أسباب تفضيل هذا النهج:
- تجنب المسار القضائي الطويل الذي قد يستغرق أشهرًا أو سنوات قبل صدور الحكم النهائي.
- خفض التكاليف القانونية من رسوم المحكمة وأتعاب المحامين والخبراء العقاريين.
- الحفاظ على الروابط الأسرية أو الشراكات التجارية، خاصة في نزاعات الورثة أو الشركاء في العقار.
- المرونة في الحلول المطروحة بما يسمح بابتكار اتفاقيات تُراعي مصالح الطرفين بشكل أوسع مما تتيحه الأحكام القضائية المقيدة.
خطوات حل النزاعات العقارية ودياً في السعودية
تمر عملية حل النزاع العقاري ودياً بسلسلة من الخطوات المنظّمة تبدأ بالمبادرة وتنتهي باتفاق موثّق يضمن التنفيذ دون اللجوء للمحكمة.
فيما يلي أبرز المراحل التي يمر بها الحل الودي:
المبادرة بالسعي إلى الصلح
- يبدأ أحد الأطراف أو ممثله (محامٍ أو وكيل شرعي) بعرض فكرة الصلح.
- يتم التواصل مع الطرف الآخر وتحديد الرغبة في الحل دون دعوى عقارية قضائية.
التفاوض المبدئي
- تُستعرض تفاصيل النزاع، مثل: ملكية العقار، حدود الأرض، أو الحقوق محل الخلاف.
- تُطرح حلول بديلة ويتم تقييم مدى قبولها من الطرفين.
- يمكن توثيق التقدم المرحلي كتابيًا لتجنّب الالتباس.
اللجوء إلى الوساطة أو الصلح الرسمي
- يتم رفع طلب عبر منصة “تراضي” الإلكترونية التابعة لوزارة العدل.
- يُعيّن وسيط عقاري محايد معتمد من الوزارة لتيسير المفاوضات.
- تعقد جلسات افتراضية أو حضورية للتوصّل إلى صيغة دعوى عقارية مرضية.
توثيق الاتفاق وإكسابه الصفة التنفيذية
- في حال الاتفاق، يُوقّع الطرفان على محضر وساطة أو اتفاق صلح.
- يُوثّق الاتفاق لدى كاتب العدل أو المحكمة المختصة.
- يكتسب صفة السند التنفيذي الملزم، وفقًا للمادة (16) من نظام الوساطة الصادر بتاريخ 1443/5/5 هـ.
طرق حل النزاعات العقارية وديا
تتنوّع طرق حل النزاع العقاري وديًا في القضايا العقارية بحسب طبيعة العلاقة بين الأطراف وحدّة الخلاف، وتشمل الصلح المباشر أو عبر وسطاء مرخّصين أو منصات إلكترونية معتمدة.
فيما يلي أبرز آليات الحل الودي المستخدمة في السعودية:
الصلح المباشر
- يتم من خلال تفاوض الطرفين بحضور محامٍ عقاري يقدّم الدعم القانوني.
- يناسب النزاعات البسيطة أو العائلية (مثل: الورثة، الجيران، الشركاء).
الوساطة العقارية
- تُدار عبر وسيط محايد معتمد من وزارة العدل.
- يُستخدم هذا المسار في النزاعات المعقّدة التي تتطلب طرفًا ثالثًا لتقريب وجهات النظر.
- يمكن توثيق نتيجة الوساطة لتُكتسب صفة السند التنفيذي.
التحكيم العقاري
- يُشترط الاتفاق المسبق بين الطرفين على اللجوء إلى محكّم.
- التحكيم ملزم ويُستخدم غالبًا في النزاعات التجارية أو المتعلقة بعقود التطوير العقاري.
منصة “تراضي”
- منصة رقمية تابعة لوزارة العدل، تُتيح تقديم طلب وساطة إلكترونيًا.
- تشمل خدمة جدولة الجلسات، رفع المستندات، وتوثيق المحضر.
إحصائية رسمية:
كشفت وزارة العدل أن أكثر من 70% من النزاعات العقارية المعروضة على منصة “تراضي” تنتهي بالصلح خلال أسبوع واحد فقط.
الفرق بين الوساطة والصلح
رغم أن الوساطة والصلح كلاهما يُعدان من الوسائل البديلة لحل النزاعات العقارية، إلا أن هناك فروقًا جوهرية بينهما تتعلق بالجهة المشرفة، ودور الطرف الثالث، وطبيعة الاتفاق الناتج.
- الوساطة العقارية تُدار عادةً عبر وسيط معتمد من وزارة العدل. ويكون دور الوسيط محايدًا بالكامل، إذ لا يفرض حلاً على الأطراف، بل يعمل على تقريب وجهات النظر وتسهيل الوصول لاتفاق. إذا تم توثيق نتيجة الوساطة، فإنها تكتسب صفة السند التنفيذي الملزم.
- أما الصلح العقاري، فيمكن أن يتم أمام المحكمة أو من خلال محامٍ يمثل أحد الطرفين، أو جهة مختصة بالصلح. وغالبًا ما يتضمن الصلح اقتراح حلول محددة قابلة للتطبيق، وقد تكون أكثر مرونة من الوساطة. وإذا وثّق الاتفاق رسميًا، فإنه يُعد ملزمًا كذلك.
- المدة الزمنية: الوساطة غالبًا ما تُنجز في جلسات محدودة خلال فترة قصيرة، بينما الصلح قد يستغرق وقتًا أطول حسب تعقيد القضية وطبيعة الخلاف بين الأطراف.
لكلا الخيارين قيمة كبيرة في تجنّب التقاضي وتحقيق حل عادل، إلا أن اختيار الأنسب منهما يتوقف على حالة النزاع ومدى تعقيده.
دور المحامي في حل النزاعات العقارية وديا
يُعد المحامي العقاري عنصرًا أساسيًا في نجاح أي تسوية ودية، حيث يُوفّر الخبرة القانونية والنظامية التي تضمن حماية الحقوق وإتمام الاتفاق بشكل ملزم.
في النزاعات العقارية، يحتاج الطرفان غالبًا إلى طرف قانوني يوازن بين الحقوق والأنظمة، وهنا يأتي دور المحامي المتخصص، والذي يتمثل فيما يلي:
- تحليل دقيق للمستندات العقارية مثل صك ملكية، العقود، والمخططات التنظيمية لتحديد مواقف الأطراف.
- اقتراح حلول نظامية مبتكرة تأخذ في الاعتبار الأنظمة السعودية وحقوق الأطراف ومصالحهم.
- تمثيل موكله في جلسات التفاوض أو الوساطة، والترافع أمام الجهات المختصة عند الحاجة.
- صياغة اتفاقات صلح واضحة ومحكمة، تتضمن بنودًا ملزمة وتراعي ما نصت عليه الأنظمة ذات العلاقة.
- توثيق الاتفاق وإكسابه الصفة التنفيذية سواء عبر كاتب العدل أو المحكمة، بما يضمن تنفيذه الجبري إن لزم.
الأسئلة الشائعة
حل النزاعات العقارية ودياً هو الخيار الذكي لكل من يسعى لحماية حقوقه بأقل تكلفة وجهد.
تعددت طرق الحل بين الصلح والوساطة، وظهرت منصات رسمية مثل «تراضي» لتسهيل المسار، لكن يظل الدور المحوري للمحامي المختص هو ما يضمن نجاح التسوية.
للبدء بحل نزاعك العقاري دون رفع دعوى، اتصل بنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
تعرف أيضًا على:
- الطعن في صك عقاري مزور في السعودية: الإجراءات القانونية لإثبات التزوير.
- اثبات ملكية عقار بدون صك في السعودية: الإجراءات النظامية وخطوات تقديم الدعوى.
- دعوى تعويض عن نزع ملكية في السعودية: دليلك لحماية حقوقك المالية.
- تحديث الصك العقاري في السعودية.
- فسخ عقد بيع عقار في السعودية: متى يحق لك الفسخ وما الإجراءات النظامية؟
المصادر:
- نظام الوساطة – وزارة العدل السعودية.
- منصة تراضي – وزارة العدل.
- بوابة الأنظمة السعودية.

المحامي والمستشار القانوني حسين الدعدي
يحمل شهادة بكالوريوس في الشريعة بدرجة ممتاز من جاعة أم القرى في مكة, المملكة العربية السعودية.
له مقالات قانونية تنشر باستمرار في الموقع الرسمي للمكتب وفي بعض المواقع القانونية الأخرى.
يتميز المحامي والمستشار القانوني حسين الدعدي بتخصصات مختلفة من القانون السعودي: كنظام الاجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية ونظام الأحوال الشخصية ونظام الأوراق التجارية وغير ذلك.
كما لديه سنوات عديدة من الخبرة وباع طويل في كتابة اللوائح والاعتراضات والمذكرات القانونية لمختلف المحاكم السعودية.